کد مطلب:280410 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:237

الشک و التقدم الی الخلف
فی زمن المسیح علیه السلام بلغت الأحداث ذروتها، عندما عزم الیهود علی قتل المسیح لأنه لم یأت لهم بما تهوی أنفسهم. وفضح علمائهم الذین عكفوا علی تقالید آبائهم. وكشف مخططاتهم التی تسعی لتهوید الفطرة بما لم ینزل به الله سلطانا، ولقد سجلت الأناجیل محاولات الیهود العدیدة للفتك بالمسیح وكیف كان الیهود یخافون من تنفیذ محاولاتهم. نظرا لأن الجموع كانوا یعتبرون المسیح علیه السلام رسولا نبیا مبعوثا من الله تعالی، یقول متی فی إنجیله ولما سمع رؤساء الكهنة والفریسیین المثلین الذین ضربهما المسیح. أدركوا أنه كان یعنیهم هم ومع أنهم كانوا یسعون إلی القبض علیه. فقد كانوا خائفین من الجموع لأنهم كانوا یعتبرونه نبیا. [1] وسجلت الأناجیل أن المسیح علیه السلام كان یتخفی من الیهود. ولا یظهر لهم عندما یصل إلی علمه أنهم یبحثون عنه. ذكر یوحنا فی إنجیله أن المسیح علیه السلام أمر تلامیذه بأن یشاركوا الیهود عید الخیام وبعدما ذهب أخوته إلی العید.

ذهب هو أیضا كما لو كان متخفیا لا ظاهرا، وأخذ الیهود یبحثون عنه فی العید. ویسألون: أین ذاك الرجل. وثارت بین الجموع مناقشات



[ صفحه 159]



كثیرة حوله فقال بعضهم: إنه صالح. وقال آخرون: لا بل إنه یضلل الشعب. ولكن لم یجرؤ أحد أن یتكلم عنه علنا خوفا من الیهود. [2] .

وبالجملة: جاء فی إنجیل یوحنا بدأ یسوع ینتقل فی منطقة الجلیل متجنبا التجول فی منطقة الیهود، لأن الیهود كانوا یسعون إلی قتله. [3] .

فالنصوص تفید أن المسیح علیه السلام كان یتحرك بین الجموع. یأكل الطعام ویمشی فی الأسواق ویأمر تلامیذه بمشاركة الیهود الأعیاد التی سنها أنبیاء بنی إسرائیل، وكان الجموع یعلمون أن المسیح نبیا لیس له من الأمر شیئا إلا أنه یحمل رسالة الله إلی بنی إسرائیل.

وإنه علیه السلام كان یأخذ بالأسباب لدفع الضرر عنه، فكان یتخفی من الیهود ولا یدخل منطقتهم. إلا بعد أن یأخذ بالأسباب لتحقیق أمنه وأمن تلامیذه، وذكر الإنجیل كیف كان المسیح یضج من استكبار القوم وصدهم عن سبیل الله، رغم ما یقدمه إلیهم من علم ومعجزة، وكان یقول أیها الجیل غیر المؤمن إلی متی أبقی معكم. إلی 0000 أحتملكم. [4] وشأنه فی هذا كشأن جمیع إخوته الأنبیاء. كانوا یشعرون بالحزن عندما لا یأخذ الناس بأسباب الحیاة الكریمة التی تحقق لهم السعادة فی الدنیا بما یوافق الكمال الأخروی، وكانوا یشكون حزنهم إلی الله تعالی.

ورغم حركة المسیح علیه السلام الواضحة كل الوضوح. إلا أن القوم أحاطوه بعد عهد البعثة بهالات تخرجه من دائرة البشریة إلی الألوهیة، ووضعوا فی الأناجیل نصوصا رشحت بهذا المعنی، وعندما جاء بولس وقاد المسیرة أصبحت ألوهیة المسیح عمودا لدعوته، وبین



[ صفحه 160]



النصوص التی تقول بنبوة المسیح وبین التی تقول بألوهیته تعددت الفرق والمذاهب، وكان هذا علی حساب الفطرة التی فطر الله الناس علیها، ولما كان للدین الفطری شهود وأمناء علی امتداد المسیرة البشریة، ولما كانت النبوءة هی التی تفسر التاریخ ولیس العكس، فإننا لكی نمسك بخیط الأحداث. لا بد أن نتتبع الأحداث وفقا لنصوص أصول النبوة، فننظر إلی الأحداث وحركتها فی الأناجیل. ثم نضع ذلك تحت الضوء القرآنی، فبهذا وحده نصل إلی الحقیقة فی مدونات أهل الكتاب، واضعین فی الاعتبار أن الحق لا یخص بوجه وعلی أی تقدیر، فهو بین السطور حجة علی كل من قرأ وإن عتمت علی السطور سحب التحریف والتأویل، وهو ظاهر فی الكون الواسع وإن حاصرته أدوات الزینة والإغواء، وهو داخل النفس الإنسانیة لأن الإنسان مجبول علی قبول الحق والخضوع الباطنی أمامه. وإن طوقت الأهواء النفس، فالحق واضح المعالم فی كل مكان وزمان لأنه حجة بذاته، والحق ینتصر فی الدنیا ظاهرا أو باطنا. لأن الله تعالی أوجب علی نفسه أن یفنی الباطل بالحق.

ولما كان النصاری یؤمنون بألوهیة المسیح. وأن أحد تلامیذه قد خانه وسلمه إلی أعدائه. فجردوه من ثیابه. وبصقوا فی وجهه. وضربوه علی رأسه بعد أن أوسعوه سخریة، ثم ساقوه إلی الصلب. وصلبوا معه لصین. وكان اللصان یسخران منه [5] ولما كان القرآن الكریم قد نفی ما ادعاه النصاری فی حق المسیح، وقال تعالی: (لقد كفر الذین قالوا إن الله هو المسیح ابن مریم) [6] وقال (لقد كفر الذین قالوا إن الله ثالث ثلاثة) [7] وقال فی قصة الصلب (وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه



[ صفحه 161]



لهم) [8] فإننا سنلقی ضوءا علی الأحداث كما ذكرت فی الأصول.

لتظهر الحقیقة من تحت السحب وتكون واضحة وضوح الشمس فی كبد السماء، وأول ضوء نلقیه سیكون علی التلامیذ. لقولهم أن أحدهم قد خان المسیح. فإذا لم یظهر الخائن تحت الضوء. تصبح الدعوی منهدمة من أساسها ولا یبقی إلا الحق.


[1] متي 21 / 45.

[2] يوحنا 7 / 10 - 13.

[3] يوحنا 7 / 1.

[4] يوحنا 8 / 41.

[5] أنظر: متي 27 / 28 - 44.

[6] سورة المائدة آية 17.

[7] سورة المائدة آية 73.

[8] سورة النساء آية 157.